مقال للاستاذ/عبدالرحمن بجاش - بعنوان ( الجهاز المركزي...

الجهاز المركزي..

عبدالرحمن بجاش -
ذات صباح زرت مبنى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة , كان ذلك أيام تولي المرحوم أحمد الارياني قيادة الجهاز وهو من الرجال الذين فقدتهم البلاد , أعجبني المبنى , فعدت لأكتب يوميات الثورة (( .......نموذج مصغًر لوطن نحلم به )) , يومها أعجب الارياني باليوميات فوجه بتكبيرها ووضعها في لوحة الإعلام والإعلان , الوطن الذي حلمت به لم يأت , و((الثورة)) التي صفقنا لها أطفالا ذات يوم لم يبق منها سوى كلمات معلًقة !! , لقد أنتصر الفساد علينا وصار دولة وأي دولة , مافي ذلك شك !! , والجهاز الذي حلم ذات يوم إبراهيم الحمدي أن يقف في وجه عدو البلاد الأكبر (( الفساد )) إلى جانب القضاء الإداري , قتل مبناه ومعناه , والكفاءات التي أختارها ذات يوم (( يحيى العرشي )) عملت كل ما تستطيع لمحاربة غول الفساد , لينتهي جهدهم في ملفات إلى مخازن الرئاسة تفتح فقط كلما أرتفع رأس أكثر من اللازم !! , اليوم ينتصر علينا الفساد كل لحظة, والفساد ليس الرشوة فقط , وتخيلوا أننا إلى اللحظة لم نتفق على تعريف معيًن له , ولذلك فهو ينتصر كل لحظة !! , هنا (( لجان ثورية )) للوقوف في وجه الفساد , يكون السؤال : كيف ؟ اسأل الأخوة (( أنصار الله )) , إذ أن العملية ستتحول إلى فوضى , وسنجد الفساد يخرج لسانه من جديد , أقول لذلك : إذا أردتم الوقوف في وجه الفساد , فمن طريق شرعية الحكم , حيث الحكم غير ((الثورة)) , وعن طريق الشرعية يتم المطالبة والضغط بضرورة تفعيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وإعادة الاعتبار القضاء الإداري , ودعم نيابة الأموال العامة , غير هذا الطريق لا يوجد إذا كنا بالفعل جادين في محاربة الفساد , والأهم في نفس النقطة أن تلغى تبعية الجهاز لرئاسة الجمهورية, بل تكون تبعيتة إما للبرلمان , أو وهو الأفضل أن يكون مستقلا وتابعا للجهاز القضائي , المهم أن تلغى تبعيته للسياسة إن أردتم , أن يدخل كل من حمل على كتفه سلاح إلى أي مكتب لأي مسؤول , ليطالبه بإيقاف الصرف - هكذا - , فالأمر يتحول إلى مجرد عبث , أقولها بالفم المليان إذا أردنا الوقوف في وجه الفساد المالي الرسمي فليكن الجهاز وسيلتنا , وإن أردنا الوقوف في وجه الفساد العام فعليكم بالمناهج, بالتربية الوطنية والتعليم , وإعلام عصري يخرج من دوامة الوظيفة إلى أفق الإعلام المتخصص والمستقل , في البلدان المتخلفة وحدها ما زال الإعلام يتبع وزير الإعلام في زمن الفضاءات المفتوحة إعلامنا يتبع الخدمة المدنية ...كيف ؟؟ , أن يتحول كل الناس إلى رقابة فاسمحوا لي القول أننا سنضيف إلى المشهد فاسدين جدداً ......, الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ثم القضاء الطريق الأوحد للوصول إلى أفق نزيه .........